الفرق بين الدهون الصحية والضارة: ما يجب أن تعرفه لحماية قلبك وصحتك
لفترة طويلة، كانت الدهون تُعامل على أنها العدو الأول في أي نظام غذائي صحي. تم تسويق فكرة أن كل أنواع الدهون تُسبب السمنة وأمراض القلب، لكن العلم الحديث قد قلب هذه المفاهيم رأساً على عقب.
اليوم نعلم أن ليست كل الدهون ضارة، بل إن بعضها ضروري لصحة الجسم والعقل. الفارق يكمن في نوع الدهون، مصدرها، وكميتها.
في هذا المقال، سنفصّل الفرق بين الدهون الصحية والضارة، وأين تجد كل نوع، وكيف توازن بينهما لحياة أطول وأكثر صحة.
ما هي الدهون الصحية؟
الدهون الصحية هي تلك التي تعزز وظائف الجسم الحيوية دون أن ترفع مستويات الكوليسترول الضار في الدم. وتنقسم إلى نوعين رئيسيين:
1. الدهون غير المشبعة
وهي الأكثر فائدة، وتنقسم إلى:
دهون أحادية غير مشبعة (Monounsaturated Fats)
- تساعد في تقليل الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL).
- تساهم في الوقاية من أمراض القلب وتحسين حساسية الأنسولين.
أمثلة على مصادرها:
- زيت الزيتون
- الأفوكادو
- المكسرات (مثل اللوز والكاجو)
دهون متعددة غير مشبعة (Polyunsaturated Fats)
- تحتوي على أحماض أوميغا-3 وأوميغا-6 الضرورية.
- تساهم في تقليل الالتهابات ودعم وظائف الدماغ.
أمثلة على مصادرها:
- الأسماك الدهنية (السلمون، السردين، التونة)
- بذور الكتان
- زيت دوار الشمس
ما هي الدهون الضارة؟
الدهون الضارة هي تلك التي ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، السمنة، واضطرابات التمثيل الغذائي. أبرزها:
1. الدهون المشبعة (Saturated Fats)
- توجد بشكل طبيعي في بعض الأطعمة الحيوانية.
- ترتبط بارتفاع الكوليسترول الضار إذا تم استهلاكها بكثرة.
أمثلة على مصادرها:
- الزبدة
- الجبن كامل الدسم
- اللحوم الحمراء الدهنية
رغم أن بعض الدراسات الحديثة تحاول إعادة تقييم خطورة الدهون المشبعة، إلا أن التوصيات لا تزال تحث على تقليلها قدر الإمكان.
2. الدهون المتحولة (Trans Fats)
- تُصنع صناعيًا عن طريق هدرجة الزيوت النباتية.
- تزيد من الكوليسترول الضار وتقلل الجيد، وترتبط بزيادة مخاطر أمراض القلب بشكل كبير.
أمثلة على مصادرها:
- المخبوزات الصناعية (الكوكيز، الكعك)
- البطاطا المقلية في بعض المطاعم
- السمن النباتي المهدرج
العديد من الدول بدأت في حظر استخدام الدهون المتحولة تمامًا نظرًا لخطورتها الكبيرة.
لماذا يحتاج الجسم إلى الدهون أصلاً؟
الدهون ليست فقط مصدرًا للطاقة، بل تلعب أدوارًا بيولوجية مهمة، منها:
- دعم امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون (A, D, E, K)
- حماية الأعضاء الحيوية
- تنظيم الهرمونات
- المساهمة في بناء أغشية الخلايا
لكن الفائدة تعتمد كليًا على النوع. تناول الدهون الصحية بكمية معتدلة هو أمر ضروري، بينما الإفراط في الدهون الضارة يُسبب آثارًا عكسية.
كيف تميز بين الدهون الجيدة والسيئة عند التسوق؟
في ظل وفرة المنتجات الغذائية، قد يكون الأمر مربكًا. لكن هناك بعض النصائح البسيطة:
- اقرأ ملصقات التغذية وابحث عن "الدهون المتحولة" أو "الزيوت المهدرجة".
- اختر المنتجات التي تحتوي على زيت الزيتون أو زيت الكانولا بدلًا من الزبدة أو السمن.
- تجنّب الأطعمة المصنعة قدر الإمكان.
- اختر الأطعمة الطبيعية الكاملة مثل المكسرات والأسماك بدلًا من الأطعمة السريعة.
هل يمكن التوازن بين الدهون؟
نعم. وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية وجمعية القلب الأمريكية:
- يجب أن تُشكل الدهون نحو 20 إلى 35% من السعرات اليومية.
- منها لا يزيد الدهون المشبعة عن 10%.
- الدهون المتحولة يُفضل أن تكون 0%.
لذلك، لا حاجة لإلغاء الدهون تمامًا من نظامك الغذائي، بل فقط التوازن بين الأنواع.
الدهون ليست عدواً، بل شريكًا في الصحة إذا عرفت كيف تختارها. الدهون الصحية تساعدك في حماية قلبك، تحسين طاقتك، وحتى تعزيز قدراتك العقلية. بينما تؤدي الدهون الضارة إلى مشاكل صحية خطيرة عند الاستهلاك الزائد.
السر يكمن في الفهم الواعي والاختيارات الذكية. استبدال الزبدة بزيت الزيتون، اختيار الأسماك بدلاً من اللحوم الحمراء، وتجنّب المخبوزات التجارية، خطوات بسيطة لكنها تصنع فرقًا كبيرًا على المدى الطويل.